وماذا بعد؟..
أخرجك خالق الكون من ظهر آدم وأنت كالذرّ فسألك: ألست بربك؟.. قلت: بلى. وأخذ عليك العهد.
ثم نسي أبوك وأمك عهدهما للحظة، فنزلا إلى الأرض، موعودين بالعودة بعد حين.
ومرت آلاف السنين..
وأنت تتنقل في الأصلاب محفوظاً بعين الله.
حتى حانت ساعة نشأتك، فأمر الله ملائكته بنفخ الروح في جسدك.
وهيأ لك وعاء حصيناً في بطن أمك، يمدك بطعامك وشرابك، ويحمل عنك فضلاتك، ويقيك البرد والحر وكل ما قد يسيء إليك في سباتك.
ثم فتحت عينيك، وبدأت بالمشي والكلام، ورأيت الحب في عيون من حولك، وفي عين لا يأخذها النوم إذا نمت، ولا يشغلها عنك شاغل إذا جعت أو مرضت.
فماذا عنك الآن؟!..
أتظن أن هذه العين قد خذلتك؟
أنسيت أنك نمت آمنا ليلة أمس، وأنك لم تشغل بالك في طعام الغد؟
عُد وتأمل في خلقك، واتعظ بآيات الله التي في أعماقك.
تفكر في عجائب صنع هذا الجسد، وتذكر أنك تتقلب كل يوم في ما لا يحصى من النعم.
أتشكو خذلان الناس لك؟
تذكّر أنك إن هنت في عيونهم، فأنت عند الله غال..
أنسيت أن لدمك ومالك وعرضك حرمةٌ، كحرمة بيت الله الحرام في شهره الحرام؟
أم نسيت أن زوال الدنيا أهون عند الله من أن يهدر دمك المقدس؟!
قد تشك في كل ما حولك، ولكنك لن تملك إلا أن تسلم بأنك موجود.
أنت كيان قائم بذاته.. لك اسمك، بصمتك، خريطة جيناتك، وعالمك المميز.
أنت خليفة هذه الأرض.
لك رزقك، مكانك الذي تشغله، وهواؤك الذي تستنشقه.
لك وجودك الذي لا ينازعك عليه أحد.
أنت خالدٌ.. شئت أم أبيت.
ومهما فُعل بجسدك واسمك ورزقك.. فلن يخرق أحد القدَر الذي كُتب لك.. ولن يمسك بسوء بعد انتهاء مهلتك على هذه الأرض.
ستعود قريبا إلى وطنك، وستأخذ حقك كاملاً.
ستخلد في عالم آخر، فاحرص على أن يكون خلودك في نعيم.
ستذكر هناك أنك مررت من هنا، فاجعلها ذكرى طيبة.
افتح عينيك الآن، وابدأ من جديد.